الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير
.الحديث الخَامِس عشر: هَذَا صَحِيح عَنْهُم أَمَّا حُضُور ابْن عَبَّاسٍ وسَهْلٍ بن سَعْدٍ فَتَقَدَّم حَديثهما فِي أولِ البابِ، وَأما حُضُور ابْن عمر فَأخْرج الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا قصَّة اللّعان من طَرِيقه، وَلَيْسَ فِيهَا حُضُوره لَهَا صَرِيحًا، لَكِن قَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد أَن ذكره من طَرِيق ابْن عمر: وَقد رَوَى قصَّة المتلاعنين، عبد الله بن مَسْعُود، وَابْن عَبَّاس، وَأنس بن مَالك، وَفِي ذَلِكَ دلَالَة عَلَى شهودهم مَعَ غَيرهم تلاعنهما. هَذَا كَلَامه. وَلقَائِل أَن يَقُول: لَا يلْزم من الرِّوَايَة الْحُضُور. .الحديث السَّادِس عشر: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وخلافياته من حَدِيث الإِمَام أبي حنيفَة عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن مُجَاهِد، وَعِكْرِمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «لَيْسَ شَيْء أُطِيع الله فِيهِ أعجل ثَوابًا من صلَة الرَّحِم، وَلَيْسَ شَيْء أعجل عقَابا من الْبَغي وَقَطِيعَة الرَّحِم، وَالْيَمِين الْفَاجِرَة تدع الديار بَلَاقِع». قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: كَذَا رَوَاهُ عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ عَن أبي حنيفَة، وَخَالفهُ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَعلي بن ظبْيَان وَالقَاسِم بن الحكم فَرَوَوْه، عَن أبي حنيفَة، عَن نَاصح بن عبد الله، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا. وَقيل: عَن يَحْيَى، عَن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه. قَالَ: والْحَدِيث مَشْهُور بِالْإِرْسَال. ثمَّ سَاقه من حَدِيث عبد الرَّزَّاق: أبنا معمر، عَن يَحْيَى بن أبي كثير يرويهِ قَالَ: «ثَلَاث من كن فِيهِ رَأَى وبالهن قبل مَوته...» فَذَكرهنَّ وَفِي آخِرهنَّ «وَالْيَمِين الْفَاجِرَة تدع الديار بَلَاقِع». وَعَن مَكْحُول قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «إِن أعجل الْخَيْر ثَوابًا صلَة الرَّحِم، وَإِن أعجل الشَّرّ عُقُوبَة الْبَغي وَالْيَمِين الصَّبْر الْفَاجِرَة تدع الديار بَلَاقِع». قلت: وَذكره الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن طَاهِر الْمَقْدِسِي فِي كِتَابه تَخْرِيج أَحَادِيث الشهَاب من أَربع طرق: أَحدهَا: من حَدِيث نَاصح بن عبد الله، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: وناصح هَذَا مَتْرُوك الحَدِيث مُنكر. ثَانِيهَا: مُحَمَّد بن عبد الله بن علاثة، عَن هِشَام بن حسان، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه مَرْفُوعا. وَأَبُو سَلمَة هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف لم يسمع من أَبِيه شَيْئا، وَابْن علاثة فِيهِ ضعف. قلت: وَأخرجه الْبَزَّار فِي مُسْنده من هَذَا الْوَجْه «الْيَمين الْفَاجِرَة تذْهب المَال» ثمَّ قَالَ: لَا نعلمهُ يرْوَى عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم أسْند هِشَام بن حسان، عَن يَحْيَى بن أبي كثير غير هَذَا الحَدِيث، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام إِلَّا ابْن علاثة، وَابْن علاثة هَذَا لين الحَدِيث. ثَالِثهَا: من حَدِيث الْحَارِث، عَن عَلّي قَالَ: والْحَارث لَيْسَ بِحجَّة. رَابِعهَا: من طَرِيق شَامي رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن هَانِئ، عَن أَبِيه هَانِئ بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَمه إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة، عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا. قَالَ: وَهَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل وَرِجَاله لم يقْدَح فيهم، وَهُوَ أقرب إِلَى الصَّوَاب. .الحَدِيث السَّابِع عشر: هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث ابْن عمر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للمتلاعنين: «حسابكما عَلَى الله أَحَدكُمَا كَاذِب لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا...» الحَدِيث، وَفِي لفظ: «فرق رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أخوي بني عجلَان وَقَالَ: الله يعلم أَن أَحَدكُمَا كَاذِب، فَهَل مِنْكُمَا تائب» وَسلف فِي الْبَاب أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضي اللهُ عَنهما بِنَحْوِهِ. .الحديث الثَّامِن عشر وَالتَّاسِع عشر: وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: يُلَاعن عَلَى الْمِنْبَر. وَيروَى اللفظان عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ كَمَا قَالَ. وَقد ذكر الرَّافِعِيّ بعد ذَلِكَ فَذكر عَن أبي هُرَيْرَة رَضي اللهُ عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من حلف عِنْد منبري عَلَى يَمِين آثمة وَلَو بسواك وَجَبت لَهُ النَّار». وَعَن جَابر رَضي اللهُ عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من حلف عَلَى منبري هَذَا بِيَمِين آثمة تبوأ مَقْعَده من النَّار». فَأَما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَأخْرجهُ أَحْمد فِي مُسْنده، وَابْن مَاجَه فِي سنَنه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه بِلَفْظ «لَا يحلف عِنْد هَذَا الْمِنْبَر عبد وَلَا أمة عَلَى يَمِين آثمة وَلَو عَلَى سواكٍ رطب إِلَّا وَجَبت لَهُ النَّار». وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. فَائِدَة: قَوْله: «رُطْب» هُوَ بِضَم الرَّاء، وإسْكَان الطَّاء كَذَا قَيده الْجَوْهَرِي فِي صحاحه فِي فصل رطب، قَالَ: وَهُوَ الْكلأ وَهُوَ مثل عُسْر وعُسُر أَي فَيجوز فِيهِ ضم الطَّاء، وَكَذَا قَيده النَّوَوِيّ فِي تهذيبه فِي الْفَصْل الْمَذْكُور، وصحف بعض شُيُوخنَا الْفُقَهَاء فِي كَلَامه عَلَى الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة «سواك» بشِرَاك بالشين الْمُعْجَمَة، ثمَّ رَاء مُهْملَة، ثمَّ قَالَ: هُوَ السّير الَّذِي فِي أَعلَى النَّعْل تدخل فِيهِ الرجل للاستقرار. وهُوَ ذُهُول عَجِيب مِنْهُ فاحذره. وَأما حَدِيث جَابر: فَرَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، وَكَذَا ابْن حبَان فِي صَحِيحه. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه بِلَفْظ: «لَا يحلف أحد عِنْد منبري هَذَا عَلَى يَمِين آثمة وَلَو عَلَى سواك أَخْضَر إِلَّا تبوأ مَقْعَده من النَّار» وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ بِلَفْظ مَالك، وَابْن حبَان إِلَّا أَنه قَالَ: «عَلَى يَمِين» بدل «بِيَمِين». وَرَوَاهُ أَحْمد بلفظين أَحدهمَا: «لَا يحلف أحد عَلَى منبري كَاذِبًا إِلَّا تبوأ مَقْعَده من النَّار». ثَانِيهمَا: «أَيّمَا امْرِئ من الْمُسلمين حلف عِنْد منبري هَذَا عَلَى يَمِين كَاذِبَة يسْتَحق بهَا حق مُسلم أدخلهُ الله النَّار وَلَو عَلَى سواك أَخْضَر». وَفِي سَنَده هَذَا مَجْهُول. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه بِلَفْظ: «من حلف بِيَمِين آثمة عِنْد منبري هَذَا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَلَو عَلَى سواك أَخْضَر». وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من طَرِيقين عَن جَابر مَرْفُوعا: أَحدهمَا: كَلَفْظِ الرَّافِعِيّ «يتبوأ» إِلَّا أَنه قَالَ: «فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده» بدل «يتبوأ». ثَانِيهمَا: بِلَفْظ «من حلف عَلَى منبري هَذَا عَلَى يَمِين آثمة فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار» وَقَالَ: «إِلَّا وَجَبت لَهُ النَّار، وَلَو عَلَى سواك أَخْضَر». قَالَ الْحَاكِم فِي هَذِه الطَّرِيق: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. وَقَالَ فِي الأولَى: رَوَاهَا مَالك بن أنس، عَن هَاشم بن هَاشم، عَن عبد الله بن نسطاس، عَن جَابر. وَرَوَاهُ ابْن زبالة بِلَفْظ: «أحد ساقي الْمِنْبَر عَلَى عقر الْحَوْض فَمن حلف عِنْده عَلَى يَمِين فاجرة يقتطع مَال امْرِئ مُسلم فَليَتَبَوَّأ يَمِينا من النَّار» وَقَالَ: عقر الْحَوْض: من حَيْثُ يصب المَاء فِي الْحَوْض. قلت: وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع، وَأبي أُمَامَة الْحَارِث بن ثَعْلَبَة. أما حَدِيث سَلمَة فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه عَن مُوسَى بن هَارُون ثَنَا أَبُو مُوسَى الْأنْصَارِيّ ثَنَا عَاصِم بن عبد الْعَزِيز الْأَشْجَعِيّ، ثَنَا يزِيد بن أبي عبيد، عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا يحلف أحد عَلَى الْمِنْبَر عَلَى يَمِين كَاذِبَة إلاَّ تبوَّأَ مَقْعَده من النَّار». وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة الْحَارِث بن ثَعْلَبَة: فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي مُعْجَمه الْمَذْكُور، عَن عَمْرو بن السَّرْح، وَأَبُو بشر الدولابي فِي كِتَابه الْأَسْمَاء والكنى عَن أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، قَالَا: ثَنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا عبد الله بن الْمُنِيب بن عبد الله بن أبي أُمَامَة بن ثَعْلَبَة قَالَ: أَخْبرنِي أبي، عَن عبد الله بن عَطِيَّة، عَن عبد الله بن أنس، عَن أبي أُمَامَة الْحَارِث بن ثَعْلَبَة رَضي اللهُ عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من حلف عِنْد منبري هَذَا بِيَمِين كَاذِبَة يسْتَحل بهَا مَال امْرِئ مُسلم بِغَيْر حق فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ عدلا وَلَا صرفا». .الحديث العشْرُونَ: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث الْوَاقِدِيّ، ثَنَا الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن عمرَان بن أبي أنس قَالَ: سَمِعت عبد الله بن جَعْفَر يَقُول: «حضرت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين لَاعن بَين عُوَيْمِر الْعجْلَاني وَامْرَأَته مرجع رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك، فَأنْكر حملهَا الَّذِي فِي بَطنهَا، فَقَالَ: هُوَ من ابْن السحماء. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَات امْرَأَتك فقد نزل الْقُرْآن فيكما. ولاعن بَينهمَا بعد الْعَصْر عِنْد الْمِنْبَر». قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا بلغنَا هَذَا الحَدِيث مَوْصُولا من جِهَة مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ وَهُوَ ضَعِيف. قَالَ: وَيروَى مُنْقَطِعًا عَن ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب أَو غَيره «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر الزَّوْج وَالْمَرْأَة فَحَلفا بعد الْعَصْر عِنْد الْمِنْبَر» يَعْنِي فِي حَدِيث سهل بن سعد. .الحديث الحَادِي بعد الْعشْرين: هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره رَضي اللهُ عَنهم وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث أم سَلمَة رَضي اللهُ عَنهما وَله طرق عديدة. قَالَ ابْن مَنْدَه فِي مستخرجه: رَوَاهُ أَيْضا من الصَّحَابَة عَائِشَة، وَابْن عمر، وَعبد الله بن زيد الْمُزنِيّ، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، وَسَهل بن سعد، وَالصديق، والفاروق، وَعلي بن أبي طَالب، وَجَابِر بن عبد الله، وَسعد بن أبي وَقاص، وَجبير بن مطعم، وَالزبير بن الْعَوام، وَأَبُو سعيد زيد بن ثَابت- وَقيل: زيد بن خَارِجَة- وَأَبُو وَاقد اللَّيْثِيّ، ومعاذ بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ أَبُو حليمة الْقَارئ، وَأنس بن مَالك، وَأَبُو الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ. فَائِدَة: فِي مَعْنَى الحَدِيث قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن ذَلِكَ الْموضع بِعَيْنِه ينْقل إِلَى الْجنَّة. وَرجحه ابْن النجار فِي كِتَابه تَارِيخ الْمَدِينَة، وَقَالَ: إِنَّه الَّذِي يقوى عِنْدِي. وَثَانِيهمَا: أَن الْعِبَادَة فِيهِ تُؤدِّي إِلَى الْجنَّة فَمن لزم طَاعَة الله فِي هَذِه الْبقْعَة آل بِهِ الْحَال إِلَى رَوْضَة من رياض الْجنَّة. وَجَاء فِي رِوَايَة أُخْرَى بدل «قَبْرِي» «بَيْتِي» وَهُوَ المُرَاد كَمَا قَالَه زيد بن أسلم وَقيل: إِنَّه عَلَى ظَاهره، وَرُوِيَ «حُجْرَتي» بدل «قَبْرِي» وَهُوَ هُوَ لِأَن قَبره فِي حجرته وَهُوَ بَيته. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: مَعْنَاهُ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَت الصَّحَابَة تقتبس مِنْهُ الْعلم فِي ذَلِكَ الْموضع، وَهُوَ مثل الرَّوْضَة، قَالَ: وَيُؤَيِّدهُ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: «إِذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا رياض الْجنَّة؟ قَالَ: حِلق الذّكر». .الحديث الثَّانِي بعد الْعشْرين: هُوَ كَمَا قَالَ؛ فَفِي سنَن أبي دَاوُد من هَذَا الْوَجْه أَعنِي من حَدِيث ابْن عَبَّاس «أَن هلالاً لما لَاعن وَانْتَهَى إِلَى الْكَلِمَة الْخَامِسَة قيل لَهُ: يَا هِلَال، اتَّقِ الله فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة؛ وَإِن هَذِه الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب. فَقَالَ: وَالله لَا يُعذبني الله عَلَيْهَا كَمَا لم يجلدني عَلَيْهَا. فَشهد الْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين. ثمَّ قيل لَهَا: اشهدي. فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين فَلَمَّا كَانَت الْخَامِسَة قيل لَهَا: اتقِي الله فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَإِن هَذِه الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب فتلكأت سَاعَة ثمَّ قَالَت: وَالله لَا أفضح قومِي. فَشَهِدت الْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين، فَفرق رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا وَقَضَى أَن لَا يُدعَى وَلَدهَا لأَب وَلَا ترمى وَلَا يُرْمَى وَلَدهَا، من رَمَاهَا أَو رَمَى وَلَدهَا فَعَلَيهِ الْحَد، وَقَضَى أَن لَا بَيت عَلَيْهِ لَهَا وَلَا قوت من أجل أَنَّهُمَا يتفرقان من غير طَلَاق وَلَا متوفى عَنْهَا. قَالَ عِكْرِمَة: فَكَانَ وَلَدهَا بعد ذَلِكَ أَمِيرا عَلَى مصر وَمَا يُدعَى لأَب». وَفِي إِسْنَاده عباد بن مَنْصُور قد تكلمُوا فِي رَأْيه وَرِوَايَته، وَرَوَى هُوَ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أَمر رجلا حِين أَمر المتلاعنين أَن يتلاعنا أَن يضع يَده عِنْد الْخَامِسَة عَلَى فِيهِ وَيَقُول: إِنَّهَا مُوجبَة». وَلم أر فِي هَذَا الحَدِيث وضع امْرَأَة يَدهَا عَلَى فمها كَمَا فِي جَانب الرجل فنتبعه. .الحديث الثَّالِث بعد الْعشْرين: هَذَا الحَدِيث سبق فِي الْبَاب وَاضحا. .الحديث الرَّابِع بعد الْعشْرين: هَذَا الحَدِيث صَحِيح كَمَا سلف بَيَانه أول الْبَاب. .الحديث الخَامِس بعد الْعشْرين: هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَقد سلف حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي ذَلِكَ فِي الحَدِيث الْخَامِس من أَحَادِيث الْبَاب. وَفِي مُسْند أَحْمد عَن وَكِيع، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن أبي المجالد، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «من انْتَفَى من وَلَده ليفضحه فِي الدُّنْيَا فضحه الله يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رُءُوس الأشهاد قصاص بقصاص». وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص، وَأبي بكرَة أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من ادَّعَى أَبَا فِي الْإِسْلَام غير أَبِيه وَهُوَ يعلم أَنه غير أَبِيه فالجنة عَلَيْهِ حرَام». وَفِيهِمَا أَيْضا من حَدِيث أبي ذَر رَضي اللهُ عَنهُ «لَيْسَ من رجل ادَّعَى إِلَى غير أَبِيه وَهُوَ يُعلمهُ إِلَّا كفر، وَمن ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ منا وليتبوأ مَقْعَده من النَّار». وَفِي سنَن أبي دَاوُد من حَدِيث أنس مَرْفُوعا: «من ادَّعَى إِلَى غير أَبِيه أَو انْتَهَى إِلَى غير موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله المتتابعة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة». وَفِي سنَن ابْن مَاجَه من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: «من انتسب إِلَى غير أَبِيه أَو تولى غير موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ». وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه أَيْضا بِلَفْظ: «من ادَّعَى» بدل «من انتسب» وَفِيه أَيْضا من رِوَايَة ابْن عَمْرو؛ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من ادَّعَى إِلَى غير أَبِيه لم يرح رَائِحَة الْجنَّة، وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة خَمْسمِائَة عَام». وَفِي علل الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي بكر مَرْفُوعا: «كفر بِاللَّه من ادَّعَى بِنسَب لَا يعرف»، قَالَ: الصَّوَاب من رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش مَوْقُوفا. وَفِي مُسْند أَحْمد من حَدِيث رشدين، عَن زبان، عَن سهل، عَن أَبِيه رَفعه «إِن لله تَعَالَى عبادًا لَا يكلمهم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَا ينظر إِلَيْهِم. قيل لَهُ: من أُولَئِكَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: متبرئ من وَالِديهِ وراغب عَنْهُمَا، ومتبرئ من وَلَده، وَرجل أنعم عَلَيْهِ قوم فَكفر نعمتهم وتبرأ مِنْهُم». وَهَذَا سَنَد واه، هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْد الله وَمِنْه. .وَأما آثاره: .أَحدهَا: وَهَذَا الْأَثر ذكره الشَّافِعِي فِي الْأُم بِلَفْظ: «وَقد أُتِي بِرَجُل إِلَى عمر بن الْخطاب وَقدم لإِقَامَة الْحَد، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن هَذَا مني لأوّل مرّة. فَقَالَ: كذبت، الله أكبر أَن يفضح عَبده بِأول جريمته». وَفِي سنَن الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي إِسْحَاق، ثَنَا عَفَّان، حَدَّثَنَا حَمَّاد، عَن ثَابت، عَن أنس «أَن عمر أُتِي بسارق فَقَالَ: وَالله مَا سرقت قطّ قبلهَا. فَقَالَ: كذبت، مَا كَانَ الله ليسلم عبدا عِنْد أول ذَنبه فَقَطعه». .الْأَثر الثَّانِي: وَهَذَا الْأَثر سَيَأْتِي بَيَانه فِي الْقَذْف فَإِنَّهُ أولَى بِهِ. .الْأَثر الثَّالِث: وَهَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث مجَالد، عَن الشّعبِيّ، عَن شُرَيْح عَنهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور. .كتاب الْعدَد: ذكر فِيهِ أَحَادِيث وآثارًا: .أما الْأَحَادِيث: .أَحدهَا: هَذَا الحَدِيث سبق الْكَلَام عَلَيْهِ فِي كتاب الْحيض وَاضحا فَليُرَاجع مِنْهُ. .الحديث الثَّانِي: هَذَا الحَدِيث سلف، بِطرقِهِ فِي كتاب الطَّلَاق فَرَاجعه من ثمَّ. .الحديث الثَّالِث: وَهَذَا الحَدِيث هُوَ بعض من الَّذِي قبله، وَقد قدمنَا مَا أسلفناه فِي الطَّلَاق. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَقبل الشَّيْء أَوله. .الحديث الرَّابِع: هَذَا الحَدِيث سلف الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الطَّلَاق وَاضحا فَرَاجعه مِنْهُ. .الحديث الخَامِس: هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ فِي سنَنَيْهِمَا من حَدِيث رويفع بن ثَابت الْأنْصَارِيّ قَالَ: «كنت مَعَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين افْتتح حنين فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: لَا يحل لأحد يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسْقِي مَاءَهُ زرع غَيره». قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن. زَاد أَحْمد: «وَلَا أَن يبْتَاع مغنمًا حَتَّى يقسم» ثمَّ ذكر الثَّوْب وَالدَّابَّة كَمَا سَيَأْتِي فِي رِوَايَة ابْن حبَان. زَاد أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَته: «وَلَا يحل لمُؤْمِن يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يَقع عَلَى امْرَأَة من سبي حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا، وَلَا يحل لامرئ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يَبِيع مغنمًا حَتَّى يُقسم». وَفِي رِوَايَة لَهُ: «حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَةٍ». ثمَّ قَالَ: وَهَذِه الرِّوَايَة لَيست مَحْفُوظَة وَهِي وهم من أبي مُعَاوِيَة. وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِدُونِ الِاسْتِبْرَاء، وَهَذَا لَفظه: «من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يسْقِي مَاءَهُ ولد غَيره، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يَأْخُذ دَابَّة من الْمَغَانِم فَيركبهَا حَتَّى إِذا أعجفها ردَّها فِي الْمَغَانِم، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يلبس ثوبا من الْمَغَانِم حَتَّى إِذا أخلقه رده فِي الْمَغَانِم». قلت: وَله طَرِيق آخر من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضي اللهُ عَنهُ. أخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من طَرِيقه «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهَى يَوْم خَيْبَر عَن بيع الْمَغَانِم حَتَّى تقسم، وَعَن الحبالى أَن يوطئن حَتَّى يَضعن مَا فِي بطونهن، وَقَالَ: لَا تسق ماءك زرع غَيْرك، وَعَن أكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة، وَعَن لحم كل ذِي نَاب من السبَاع». ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ ذكر ذَلِكَ فِي موضِعين من مُسْتَدْركه وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ بِنَحْوِهِ. .الحديث السَّادِس: هُوَ كَمَا قَالَ، وَقد أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا مطولا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أم سَلمَة من حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَنْهَا، وَمن حَدِيث الْمسور، عَن سبيعة. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أم سَلمَة أَيْضا، وَلَفظ الرَّافِعِيّ هُوَ لفظ إِحْدَى روايتي مَالك فِي الْمُوَطَّأ برمتِهِ، وَلَيْسَ فِي الصَّحِيح تَقْدِير الْمدَّة بِنصْف شهر إِنَّمَا فِي البُخَارِيّ أَنَّهَا وضعت بعده بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة وَفِي أُخْرَى لَهُ: «فَمَكثت قَرِيبا من عشر لَيَال» وَفِي أُخْرَى لَهُ: «بِليَال» من غير تعْيين. وَفِي مُسلم هَذِه الْأَخِيرَة. وَفِي مُسْند أَحْمد من حَدِيث ابْن مَسْعُود بِخمْس عشرَة لَيْلَة. كَمَا فِي الرَّافِعِيّ وَفِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث الْأسود عَن أبي السنابل «بِثَلَاث وَعشْرين لَيْلَة» وَفِيه غير ذَلِكَ من الِاضْطِرَاب كَمَا أوضحته فِي شرحي لعمدة الْأَحْكَام فلتراجعه مِنْهُ. فَائِدَة: اسْم زَوجهَا سعد بن خَوْلَة. .الحديث السَّابِع: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه، عَن أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد، ثَنَا مُحَمَّد بن الْفضل بن جَابر، ثَنَا صَالح بن مَالك، ثَنَا سوار بن مُصعب، ثَنَا مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل الْهَمدَانِي، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «امْرَأَة الْمَفْقُود امْرَأَته حَتَّى يَأْتِيهَا الْخَبَر». وَلم يُضعفهُ. وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف بِمرَّة، وَرِجَاله من مُحَمَّد بن الْفضل إِلَى الْمُغيرَة مَا بَين ضَعِيف ومجهول، مُحَمَّد بن الْفضل وَشَيْخه لَا يعرفان، كَمَا قَالَه ابْن الْقطَّان. وسوار واهٍ، قَالَ خَ: مُنكر الحَدِيث. وَمُحَمّد بن شُرَحْبِيل: مَتْرُوك. قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: حَدِيث مُنكر قَالَ: وَرَاوِيه عَن الْمُغيرَة هُوَ مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث يروي عَن الْمُغيرَة عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَادِيث مَنَاكِير أباطيل. وَأعله عبد الْحق بِمُحَمد هَذَا فَقَط وَقَالَ إِنَّه مَتْرُوك، وأهمل مَا أسلفناه. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بعد أَن رَوَى عَن عَلّي أَنَّهَا لَا تتَزَوَّج وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنَّهَا تلوم وتصبر. وَرَوَى فِيهِ حَدِيث مُسْند فِي إِسْنَاده من لَا يحْتَج بحَديثه: أبنا أَبُو الْحسن عَلّي بن أَحْمد بن عَبْدَانِ، أَنا أَحْمد بن عبيد الصفار، ثَنَا مُحَمَّد بن الْفضل بن جَابر، فَذكره كَمَا سَاقه الدَّارَقُطْنِيّ لَكِن لَفظه «الْبَيَان» بدل «الْخَبَر». قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَكَرِيَّا بن يَحْيَى الوَاسِطِيّ، عَن سوار بن مُصعب، وسوار ضَعِيف. هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب. .وَأما آثاره: .أَحدهَا وَثَانِيها: هَذَا صَحِيح عَنْهُمَا. أما أثر عَائِشَة: فَرَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة بن الزبير عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: «انْتَقَلت حَفْصَة بنت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق حِين دخلت فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة» قَالَ ابْن شهَاب: فَذكرت ذَلِكَ لعمرة بنت عبد الرَّحْمَن فَقَالَت: صدق عُرْوَة وقد جادلها فِي ذَلِكَ النَّاس، وَقَالُوا: إِن الله تَعَالَى يَقُول: {ثَلَاثَة قُرُوء} فَقَالَت عَائِشَة: وتدرون مَا الْأَقْرَاء؟ إِنَّمَا الْأَقْرَاء الْأَطْهَار قَالَ ابْن بكير: وأبنا مَالك، عَن ابْن شهَاب أَنه قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: مَا أدْركْت أحدا من فقهائنا إِلَّا وَهُوَ يَقُول: هَذَا يُرِيد الَّذِي قَالَت عَائِشَة رَضي اللهُ عَنها. وَرَوَاهُ الْحَاكِم من حَدِيث سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ أَيْضا عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت: «إِذا دخلت الْمُطلقَة فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَرِئت مِنْهُ». وَأما أثر زيد بن ثَابت: فَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ أَيْضا، عَن نَافِع، وَزيد بن أسلم، عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن الْأَحْوَص هلك بِالشَّام حِين دخلت امْرَأَته فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة، وَقد كَانَ طَلقهَا وَكتب مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان إِلَى زيد بن ثَابت فَسَأَلَهُ عَن ذَلِكَ فَكتب إِلَيْهِ زيد أَنَّهَا إِذا دخلت فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَرِئت مِنْهُ، وَبرئ مِنْهَا وَلَا تَرثه وَلَا يَرِثهَا. وَرَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن مَالك وَقَالَ: «وَكَانَ قد طَلقهَا» وَالْبَاقِي بِمثلِهِ وَرَوَاهُ الْحَاكِم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار، قَالَ: كتب مُعَاوِيَة إِلَى زيد فَكتب زيد إِذا طعنت الْمُطلقَة فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَرِئت مِنْهُ.
|